تُعد الأورام، وبالأخص السرطانية منها، من المشكلات الصحية الجسيمة التي تؤثر بشكل كبير على جودة حياة المريض، سواء من الناحية الجسدية أو النفسية، وكثيرون يعتقدون أن تشخيص السرطان يعني نهاية الحياة، ولكن هذا الاعتقاد لم يعد دقيقًا، حيث أنه اليوم أصبح الكشف المبكر للاورام أحد أهم الأدوات المتاحة للمرضى، حيث يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في تحسين فرص العلاج والشفاء، وقد يكون له تأثير إيجابي كبير على حياة المرضى.
ما هو الكشف المبكر للاورام؟
المشكلة الكبرى التي تواجهنا عند الحديث عن الكشف المبكر للاورام هي أن معظم الأورام خاصةً السرطانات تعمل على إخفاء نفسها عن الجهاز المناعي، وذلك عن طريق إطلاق بروتينات معينة تعمل على ذلك الأمر، ولذلك فإن أغلب الحالات لا تكتشف إصابتها بالسرطان أو الأورام إلا عندما يكبر الورم أو يكون قد انتشر بالفعل.
الكشف المبكر للاورام يعني تشخيص الإصابة بالسرطان أو الورم في مراحله الأولية، حين يكون الورم صغيرًا وغير منتشر بعد إلى الأنسجة المحيطة أو أجزاء الجسم الأخرى، فكما نعرف أن كل سرطان له أكثر من مرحلة أو درجة، والدرجة الأولى يكون فيها الورم صغيرًا ومحددًا داخل العضو المُصاب، ومع توالي الدرجات نجد أن الورم يكبر ويبدأ في الانتشار وهذا يحدث في المراحل المقدمة، لذلك فإن الكشف المبكر هو اكتشاف السرطان في المرحلة الأولى أو حتى في المراحل الأخرى لكن قبل انتشار السرطان في أي أنسجة أخرى.
فوائد الكشف المبكر للسرطان
تجدر الإشارة في البداية إلى أن الكشف المبكر للاورام يختلف من ورم إلى آخر، فكل ورم له السلوك الخاص به وسرعة النمو الخاصة به، بالإضافة إلى اختلاف طبيعة كل عضو مُصاب عن العضو الآخر، لذلك فإن كل سرطان أو ورم له الطريقة الخاصة به في العلاج بعد ذلك.
بالعودة إلى فوائد الكشف المبكر للسرطان فإنها متعددة وكثيرة للغاية بالنسبة للمريض، ففي البداية فإن فوائد الكشف المبكر للسرطان هي أن العلاج يكون أكثر فعالية إذ يكون الورم محددًا ولم ينتشر بعد، إذ نجد أن بعض أنواع السرطان يمكن أن يُشفى كل المرضى بنجاح في حالة الاكتشاف المبكر لهذا السرطان، وفيما يلي بعض الأمثلة لبعض السرطانات المختلفة:
- في كل 10 أشخاص مُصابون بسرطان الرئة، في حالة تشخيصهم بالسرطان في المراحل المتأخرة ينجو أقل من شخص واحد، في حين ينجو أكثر من 6 أشخاص في حالة التشخيص المبكر.
- في كل 10 أشخاص مُصابون بسرطان الأمعاء، فإن واحد فقط ينجو من المرض في حالة التشخيص المتأخر، لكن ينجو ما يصل إلى 9 أشخاص في الكشف المبكر للاورام.
- في كل 10 أشخاص مُصابون بسرطان الثدي، ففي حالة التشخيص المتأخر فإن 3 أشخاص فقط ينجون، في حين أن كل الأشخاص سوف ينجون تقريبًا في حالة الكشف المبكر للاورام.
بالإضافة إلى زيادة فعالية العلاج، يقل احتمال تكرار الإصابة بالسرطان بعد العلاج، وتقل أيضًا فرصة حدوث مضاعفات مرتبطة بالسرطان؛ لذلك فوائد الكشف المبكر للسرطان متعددة، ولكن من المهم اختيار أفضل الأطباء مثل الدكتور ياسر الدبيكي – أستاذ واستشاري جراحة الأورام بالمعهد القومي للأورام جامعة القاهرة – لضمان متابعة الحالة بشكل دقيق والعمل على الكشف المبكر عن الأورام.
طرق الكشف المبكر للاورام
يبحث الكثير من الأشخاص عن طرق الكشف عن السرطان بتحليل الدم، ولكن يمكننا القول أنه يوجد العديد من الطرق المتاحة للكشف المبكر للاورام، وهذه الطرق تنقسم إلى:
- الفحص الجسدي
من أشهر الأعراض أو العلامات التي تظهر على مريض السرطان حتى قبل ظهور أي أعراض أخرى هي وجود كتل خلوية غير طبيعية أو تغير في لون الجلد أو تضخم أحد الأعضاء عن الشكل الطبيعي؛ ولذلك ففي الفحص الجسدي من أجل الكشف المبكر للاورام يعمل الطبيب على فحص الجسم بكل دقة للبحث عن أي شيء غير طبيعي من تكتلات أو تضخم أو تغير في لون الجسم، وعند إيجاد أي من ذلك فإن الطبيب يشك في الإصابة، ويدفعه ذلك لإجراء الفحوصات الأخرى، ومن أمثلة السرطانات التي يمكن اكتشافها بهذه الطريقة هو سرطان الثدي.
- الفحوصات المعملية
ثاني طريقة من طرق الكشف المبكر للاورام هي الفحوصات المعملية، مثل الكشف عن السرطان بتحليل الدم، إذ يبحث الطبيب من خلال ذلك على بعض المواد أو العلامات التي تدل على وجود سرطان، وبالإضافة إلى الكشف عن السرطان بتحليل الدم فإنه يمكن استخدام تحليل البول والبراز وسوائل الجسم المختلفة، وبعض التغيرات في هذه الفحوصات قد تشكك الطبيب في إصابة المريض بالسرطان.
- الأشعة
ثالث طريقة من أجل الكشف المبكر للاورام هي الخضوع لأنواع الأشعة المختلفة، وتساعد هذه الأشعة الطبيب في رؤية ما بداخل جسم المريض ورؤية أي شيء غير طبيعي، وتوجد العديد من طرق التصوير الإشعاعي منها الأشعة السينية والماموجرام والأشعة المقطعية والتصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير بالموجات فوق الصوتية.
- المنظار
المنظار هو أنبوب رفيع ومرن يُدخله الطبيب داخل جسم المريض ومزود بكاميرا مثبتة في مقدمته، ومن خلال الكاميرا يستطيع الطبيب رؤية أي شيء غريب موجود داخل جسم المريض، ويمكن استخدام المنظار لتشخيص العديد من السرطانات مثل سرطان القولون والمستقيم وغيرها من السرطانات المختلفة سواء سرطان المعدة أو الرئة أو الحنجرة، أو الرحم وغيرها من الأنواع الأخرى، بالإضافة إلى ذلك يمكن للطبيب استخدام المنظار لأخذ عينات من الأنسجة لتشخيص السرطانات بدقة.
- العينة
من ضمن طرق الكشف المبكر للاورام والتي تؤكد الإصابة بالسرطان هي أخذ عينة من الكتلة الخلوية الغريبة، ثم فحص هذه العينة تحت الميكروسكوب للتأكد من الإصابة بالسرطان ونوعه، كما أن هذه العينة تساعد الطبيب في اختيار أفضل طرق العلاج المناسبة لحالة المريض.
العوامل التي تؤثر على الكشف المبكر للاورام
بعد التعرف على فوائد الكشف المبكر للسرطان وطرق الكشف عن السرطان بتحليل الدم، فإنه توجد العديد من العوامل التي تؤثر على الكشف المبكر للاورام، وتؤخر قليلًا من اكتشاف الإصابة مثل:
- عدم ظهور أعراض واضحة: في المراحل الأولى، قد لا تظهر أعراض أو علامات واضحة مثل التعب أو فقدان الوزن غير المبرر، لذا من الضروري استشارة الطبيب حال حدوث أي تغييرات، حتى وإن كانت غير واضحة.
- اختلاف مسار التشخيص: قد يشتبه بعض الأطباء في أسباب أخرى غير السرطان في البداية؛ مما قد يؤخر التشخيص، ولكن يجب على المريض متابعة الحالة واستشارة الطبيب مرة أخرى إذا لم تتحسن الأعراض أو إذا زادت سوءًا، سواء كانت النتائج طبيعية أو لم يُجري الفحوصات بعد.
- القلق من التحدث مع الطبيب: يمكن أن يتسبب القلق من التحدث مع الطبيب أو من نتائج الفحوصات في تأخير الكشف، حيث انه من المهم التحدث بصراحة مع الطبيب عن أي تغييرات أو مشاكل صحية تعاني منها، حتى يتمكن من تقديم الرعاية المناسبة.
كل هذه العوامل تؤثر على سرعة الكشف المبكر للاورام، ومن المهم للغاية التغلب عليها وفي حالة امتلاك المريض لأي من عوامل الخطر الخاصة بالإصابة بأي سرطان فإنه يجب عليه المتابعة مع الطبيب باستمرار
Add a Comment